سلسبيل الطهر



أَوَدُّ لَوْ أَصُوْغُهَا بِشِعْرِيْ

قَصِيْدَةً مِنْ فِضَّةٍ وَعَسْجَدْ

حُرُوْفُهَا مِنْ لُؤْلُؤٍ نَضِيْدٍ

عَلَىْ الْقَوَافِيْ يَزْدَهِيْ الزَّبَرْجَدْ

إذَا شَدَتْ أُمِّيْ بِأَيِّ لَحْنٍ

أُحِسُّ رُوْحِي حِيْنَهَا تُهَدْهَدْ

أُفْقُ الْحَنَانِ فِيْ عُيُونِ أُمِّيْ

بِلَا نِهَايَاتٍ أَرَاهُ يَمْتَدْ

إِنْ لَامَسَتْنِي عَمَّ فِيَّ دِفْءٌ

وَحِجْرُهَا وِسَادَةٌ وَمَرْقَدْ

مِنْ أَوَّلِ الدُّرُوسِ عَلَّمَتْنِيْ

تَرْنِيْمَةً سِحْرِيَّةً بِأَبْجَدْ

إِلَى طَرِيقِ الْفِكْرِ أَرْشَدَتْنِيْ

هَطْلُ الْعُلُومِ فِيْهِ لَيْسَ يَنْفَدْ

مِرْآَتُهَا أَنَا بِكُلِّ شَيْءٍ

هَذِيْ السِّمَاتُ وَالخِلَالُ تَشْهَدْ

وَالْكَنْزُ قَالَتْ: لَا يَكُونُ مَالًا

فَعِزَّةُ النُّفُوسِ خَيْرُ مَقْصَدْ
 
: تَوَشَّحِيْ الْعَفَافَ بِافْتِخَارٍ

كُونِيْ فَتَاتِيْ لِلْنَّقَاءِ مُورَدْ

رَبَّيْتِنِيْ عَلَى سُمُوِ خُلْقٍ

 لَا فَرْقَ بَيْنَ أَبْيَضٍ وَأَسْوَدْ 

زَرَعْتِ فِيَّ أَجْمَلَ السَّجَايَا

وَالصِّدْقُ فِيْ الَأَعْمَاقِ قَدْ تَسَرْمَدْ

ثَقَّفْتِنِيْ وَمُنْذُ صُغْرِ سِنِّيْ

أَنَا عَلَى أُمِّيْ الْمَلاَكِ أُحْسَدْ

رَضَعْتُ مِنْكِ الْحُبَّ ذَاتَ يَوْمٍ

صَرْحُ الْوَفَاءِ دَاخِلِيْ تَجَسَّدْ

حَبِيْبَتِيْ قَدْ فَاضَ نَهْرُ شَوْقِيْ

وَالْقَلْبُ مُذْ سَافَرْتِ كَمْ تَنَهَّدْ!

تَكَلَّمَتْ دُمُوْعُنَا بِحُزْنٍ

إِلَى الِّلقَاءِ قَدْ أَشَارَتِ الْيَدْ

عُودِي فَإِنَّ الْبَيْتَ صَارَ قَفْرًا

وَبَابُنَا عَنِ الْبَهِيْجِ مُوْصَدْ

كَآَبَةٌ وَحِيْرَةٌ وَخَوْفٌ

يَا مَصْدَرَ السَّكِيْنَةِ الْمُؤكَّدْ

أَعُودُ طِفْلَةً بِدُونِ أُمِّيْ

وَتُحْرِقُ الدُّمُوعُ صَفْحَةَ الْخَدْ

تَمُوْتُ فِيْ الْحَنَاجِرِ الْأَغَانِيْ

إِذَا الْحَنِيْنُ لِلنَّشِيْجِ جَدَّدْ

وَالزَّمْهَرِيْرُ بِالصَّقِيْعِ يَطْغَىْ

كَأَنَّهُ بَالْبُعْدِ قَدْ تَمَرَّدْ

يَلُوْحُ لِيْ خَيَالُهَا كَثِيْرًا

وَشُعْلَةُ الْأَشْوَاقِ لَيْسَ تَخْمَدْ

أَخَالُ أَنِّيْ قَدْ سَمِعْتُ شَيْئًا

صَدَىً لِصَوْتِهَا هُنَا تَرَدَّدْ

يَنْثَالُ مِنْ رُكْنِ الْغُمُوضِ عِطْرٌ

بِذِكْرَيَاتِهَا مَعِيْ تَفَرَّدْ

أُمَّاهُ إِنَّ الرُّعْبَ يَحْتَوِيْنِيْ

فَمَنْهَلُ الَأَمَانِ صَارَ أَبْعَدْ

مَتَى تُرَىْ سَيَطْمَئِنُ قَلْبِيْ؟

فَعَنْدَلِيْبُ الشَّوْقِ فِيَّ غَرَّدْ

يَا سَلْسَبِيْلَ الطُّهْرِ أَكْرِمِيْنِيْ

بِدَعْوَةٍ إِلَى الرَّحِيْمِ تَصْعَدْ

تَوَسَّلِيْ بِأَنْ يُنِيْرَ دَرْبِيْ

وَأَنْ أَكُونَ فِيْ الْقَرِيْبِ أَسْعَدْ

فِيْ كُلِّ يَوْمٍ أَنْسُجُ الِأَمَانِيْ

لَعَلَّ وَصْلَنَا يَكُوْنُ فِيْ الْغَدْ

أَطِلْ إِلَهِيْ عُمْرَهَا لِأَنِّيْ

سَأَنْتَهِيْ بِدُوْنِهَا وَأَهْمَدْ

انتصار حسن
28/12/2018

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كلمات من القلب